عمليات الترجمة الاحتيالية وكيف تميز المترجمين المحتالين
سنناقش هنا ما يسمى بعمليات الترجمة الاحتيالية وكيف نميز المترجم المحتال عن المترجم المحترف، بالإضافة إلى المشاكل والعراقيل التي يسببها المترجم المحتال للمترجم المحترف الحقيقي.
بينما كنت أتصفح بريدي صباح هذا اليوم، تفاجأت بالكم الهائل من رسائل المترجمين المحتالين، لا شك بأنني معتاد على تلقي عددٍ من الرسائل المشابهة، كأربع أو خمس رسائل من مترجمين محتالين يرسلونها لي أثناء نومي، إلا أن الرسائل قد ازدادت هذا الصباح حيث أنني وجدت ما يقارب العشرين رسالة وهو رقم كبير جداً. فبرأيي أن المترجمين المحتالين يستنزفون الموارد والوقت والمال بتقديمهم ترجمات آلية خادعة وتظاهرهم بأنهم محترفون أكفاء، وإنهم بذلك يتسببون بمشاكل لا حصر لها لمن لا يمتلك الخبرة في مواضيع الترجمة ومن لا يستطيع تمييزهم من غيرهم من المترجمين المحترفين. وهم لا يضرون أنفسهم ومن يخدعون فقط، بل يضرون بمجال الترجمة كله، وهم يظهرون بما يفعلونه أنهم وليدة الشيطان
كيف يستهدف المترجمين المحتالين شركات ومكاتب الترجمة؟
هل سبق وسمعتم اسم ليندا بوتر؟ من المفترض أن ليندا بوتر مترجمة محترفة تعمل بالترجمة باللغتين السويدية والإنجليزية وهي متخصصة بالتعليم والاقتصاد والتجارة. فوجئت بأنها قد أرسلت لي رسالة صباح هذا اليوم تسأل خلالها عن عمل ما، ولسوء الحظ لم يكن لليندا أي شأن بما كتبته عن نفسها، وكأنها كانت تتحدث عن شخص آخر. يبدو أن أحمقاً ما قرر استعارة الاسم لأغراض لا أخلاقية فقرر أن يرسل الرسالة التي وصلتني إلى العشرات بل المئات من شركات الترجمة. فهذا الأمر سينتهي بالكثير من الأموال مقابل جهود منخفضة جداً، فتخيلوا معي لو أن هذا الشخص قد راسل 100 من أصحاب الشركات، واستطاع أن يوقع في شباك نصبه أحد هؤلاء المدراء، سيكون في غاية السعادة بعد أن حصلت سيرته الذاتية الكاذبة والمسروقة من منصات الإنترنت على ثقة صاحب شركة مسكين، وكل ما عليه الآن هو ترجمة كل الأوراق باستخدام تقنية جوجل الآلية، عملٌ سهل أليس كذلك؟
وبما أن ليندا بوتر ليست مترجمة حقيقية، ستكون نتائج الترجمة الخاصة بها في قمة السوء. وقد لا تستطيع ليندا تصحيح ما أمامها من ترجمة آلية سيئة حتى. لا بأس، فليندا تقوم بتسليم الأعمال المترجمة آلياً وتنتظر استقبال المبالغ المالية وهو الأمر الأهم بالنسبة لها. مسكينة الشركة التي وقعت في الفخ، لن تستطيع اكتشاف المأزق التي وقعت فيه سوى بعد استلام الأعمال المترجمة، حيث ستجد أنها أعمال ركيكة سيئة لا تصلح أبداً ولكن للأسف بعد دفع المبلغ المطلوب. لا شك بأن الشركة لن تتعامل مع ما يسمى ليندا مرة أخرى، إلا أن الضرر قد حدث وانتهى. تنجح ليندا وأي شخص يقوم بما تقوم به في جني الأموال بسبب سذاجة أصحاب المشاريع لتنتقل إلى هدف تلو الآخر باستخدام أسماء مستعارة مختلفة أو بتغيير اللغات التي يتحدثها جوجل.
يشير موقع Telltale إلى أن البريد الإلكتروني الذي وصلني زائف وليس من مترجم حقيقي، إنني أدير شركة RedLine منذ عام 2011 وقد أصبح عندي خبرة ومتعة في اكتشاف المترجمين المزيفين. وهذا ما جعلني أرغب في مساعدتكم في اكتشافهم أيضاً من خلال بعض الأدلة المعروفة التي تشير إلى أن هذا المترجم يحاول خداعك:
ضحايا المترجمين المحتالين كُثُر
فهم يراسلون الكثير من الشركات، ولا يكتفون بواحدة أو اثنتين. ففي نفس الوقت، يرسلون الرسالة ذاتها إلى عشرات بل مئات الإيميلات. وإن كنت تظن بأنك مميزاً، وأنهم انتقوك لتميزك وفرادتك، تأكد أنك مخطئ.
المترجمين المحتالين وثنائية اللغة
يدعي هؤلاء المحتالون أنهم قادرون على الترجمة من اللغة أ إلى اللغة ب والعكس صحيح بنفس الدرجة والطلاقة، ولكننا نعرف بأن نسبة قليلة جداً من الأشخاص يتحدثون أكثر من لغة أم واحدة. وهذا يعني أن هؤلاء المترجمون يكذبون بشأن مستواهم في إحدى هاتين اللغتين. فمثلاً، قد يكون المترجم جيداً في الترجمة من اللغة الإنجليزية إلى العربية ولكنه يواجه مشكلات في الترجمة من العربية إلى الإنجليزية، ومع ذلك فإنه يصنف نفسه على أنه يتحدث اللغتين بطلاقة تامة وهذا غير منصف وغير صحيح.
المترجمين النصابن وتعدد اللغات
قد يحدث أن ترى مترجماً محترفاً يتقن لغات عدة في نفس الوقت، كبعض زملائي في العمل الذين تبادروا إلى ذهني الآن، ولكن الشكوك ستراودك إذا رأيت شخصاً يدّعي أنه يتقن لغات كثيرة في الوقت نفسه كالإنجليزية والعربية والفرنسية والإيطالية والإسبانية والتركية والهندية. إذا صادفت شخصاُ يدّعي ذلك، فإنه يكذب لا محالة.
الجمع بين اللغات بطريقة غريبة
قد يحدث أن يخبرك أحد المترجمين الإيطاليين بأنه يتحدث اللغة الإسبانية إلى جانب الإنجليزية مثلاً، هذا ليس غريباً فاللغة الإيطالية شبيهة جداً بالإسبانية. أما إذا أخبرك أحدهم بشأن طلاقته في لغتين كالصينية والهندية، هنا يجدر أن تقلق بعض الشيء!
الإخفاق في اختيار الأسماء
ركزوا في الأسماء التي تراسلكم، حيث تتوافق وتتناسب الأسماء التي يحملها المترجم مع جنسيته والبلد الذي ينتمي إليه. إذا وجدتم الاسم غريباً وغير مناسب للجنسية، فلربما أحدهم يحاول إيقاعكم فريسةً له.
يبدؤون بغرابة
في كل رسائل المحتالين التي تلقيتها، كانت الرسالة تبدأ بكلمة “عزيزي” دون ذكر أي اسم أو أية معلومات، وهذا ما يجعل من الرسالة مربكة وغريبة.
تنسيق فظيع
يأخذ المترجمون المحتالون وقتاً ويبذلون جهداً في سرقة محتوى رسالتهم ونسخه من أماكن أخرى ليلصقوه داخل الرسالة، ولكنهم لا يمنحون تلك الرسالة خمس ثوانٍ لتنسيقها وتوحيد حجم الخط ونوعه والمسافات والأسطر.
الأخطاء القواعدية والإملائية
تستطيع تمييز المترجم المحترف من غيره من خلال لغته المستخدمة في الرسالة، فإذا كانت الرسالة تحتوي أخطاء قواعدية وإملائية، ستعرف بأن المترجم الذي لم يلقِ بالاً لأخطاء الرسالة الأولى التي يرسلها إليه (والتي تعطي الانطباع الأول غالباً)، فإنه لن يلقي بالاً لعمله أيضاً فيما بعد.
الأجرة المنخفضة
أنا صاحب شركة أليس كذلك؟ وقد تتوقعون مني أن أفرح عندما أجد مترجماً يصف نفسه بالمحترف ويطلب سعراً بسيطاً مقابل الترجمة. ولاكن لا! فالترجمة عمل شاق ويحتاج إلى جهد ومقدرة عالية تتطلب الحصول على أجرة مناسبة لحجم المجهود. لا أفرح أبداً عندما أجد مترجماً في عام 2022 يطلب أجرة المترجمين عام 1999.
كيف يسبب المترجمون المحتالون ضرراَ للمترجمين الحقيقيين؟
سرقة السيرة الذاتية
لربما يكون أكبر الأضرار وأبرزها هو سرقة المحتالين للسير الذاتية الخاصة بالمترجمين المحترفين الحقيقيين وهو عمل غير أخلاقي. حيث يبذل المترجم الحقيقي جهوداً في الحصول على سيرة ذاتية محترمة وممتازة، فيأتي المترجم المحتال ويسرق تعبهم دون ضمير، ويقوم بتبديل الاسم الشخصي والبريد الإلكتروني فحسب مدّعياً امتلاكه للمهارات والمؤهلات الموجودة في تلك السيرة الذاتية المسروقة.
أضرار سوق العمل
إن هجوم المترجمين المحتالين على سوق العمل يجعل من إيجاد مترجم حقيقي محترف أمراً في غاية الصعوبة. دعوني أوضح لكم المسألة: كوني صاحب شركة للترجمة، فمن الطبيعي أن أتلقى الكثير والكثير من الرسائل بشكل يومي منها بعض الرسائل الخاصة بأشخاص يبحثون عن عمل بالترجمة، ومنها تابع لأشخاص يطلبون خدمات ترجمة، ومنها شركات مشابهة ترغب بالتعاون بالإضافة إلى رسائل المترجمين المحتالين التي تفوق عدد الرسائل الأخرى بصورة تجعل من رؤية المترجمين المحترفين أمراً صعباً.
أشعر بالسوء عندما أتذكر كمية الوقت الذي أمضيته وأنا أقوم بإلغاء الرسائل التي وصلتني من المحتالين، صحيح أن حذفها وإلغاءها لا يتطلب سوى كبسة زر، إلا أنه أمر في غاية الإزعاج. لذا حاولوا دائماً كشركات ترجمة ومترجمين وأصحاب عمل أن تبحثوا جيداً قبل تسليم مشاريعكم إلى أي شخص.
اقرأ أيضا
كيف تتعرف على الشركات المحتالة في الترجمة
شهية مفتوحة على كتابة المحتوى و أرباحه
أكثر مجالات الترجمة ربحاً لعام 2023
العمل في الترجمة أونلاين:أكثر اللغات ربحاً
‘
اترك رداً
Want to join the discussion?Feel free to contribute!