Tag Archive for: الترجمة التقنية pdf

مُقدمة

من نافل القول، أن الترجمة التقنية تعد بمثابة المادة الأولية لصنعة الباحث العلمي. فيها يستحضر المصطلحات التقنية والعلمية المستخدمة في النصوص التقنية  . لذا فإن الترجمه التقنيه – كانت وما تزال تمثل حجر الأساس في الثورة التقنية. فماذا نقصد بالــ ترجمة تقنية؟

ما هي الترجمة التقنية؟

النصوص التقنية هي النصوص التي تتطرق إلى مواضيع ذات صبغة تقنية مثل: الصناعة والزراعة والبناء والهندسة والآلات الصناعية والتقتية وغيرها من المواضيع.  .يبدو جلياً أن الترجمة التقنية هو ترجمة كل لفظة أو كلمة أو مفردة أو نص تدخل في نطاق المعرفة التقنية والتي ترجمها أو صاغها المترجمون والدارسون للترجمة. فالمصطلحات التقنية عبارة عن مجموعة من الكلمات (كلمة واحدة فأكثر) تم الاتفاق على استعمالها من طرف جميع المترجمين لتقدّم في مسرد أو قاموس فني ووضعها ضمن إطار لغوي.

وعلى عكس ما تتمتع به الترجمة العامة من مصطلحات عامة غير متخصصة بأي حقل معين، حيث يمكن لأي شخص فهم النص؛ لعدم احتوائه على مصطلحات متخصصة، أو قد يحتوي على بعضٍ منها لكنها تبقى عامة، ويمكن فهم مغزاها دون أي تعقيد. في حين أن الترجمة التقنية تتطلب  فهماً عميقاً للمصطلحات والمفاهيم المحددة المستخدمة في هذه المجالات، والتي يمكن أن تكون متخصصة للغاية وتقنية بطبيعتها.

  ومن منطلق هذا القول، نستطيع القول أن خدمات الترجمة التقنية تتطلب مترجماً مؤهلاً تأهيلاً عالياً، لديه خبرة وافية ومعرفة عميقة بالموضوع التقني، سواء كان موضوع تكنولوجي، علمي، وما إلى ذلك. بالإضافة إلى قدرته الكامنة على نقل المعلومات بحرفية وبدقة إلى النص الهدف، دون المساس بجودة النص المصدر.

تعريف الترجمة التقنية من وجهة نظر العلماء اللغويين

يُشير مصطلح الترجمة إلى ” نقل الكلام من لغة إلى أخرى “.  وفي تاج العروس للمرتضى الزبيدي “يُقال تُرجمان مثل “رَيهُقان”أي بفتح الأول وضم الثالث. قلت وهذه هي المشهورة على الألسنة: المفسر للسان وقد ترجمه وترجم عنه: إذا فسر كلامه بلسان آخر، قاله الجوهري. وقيل نقله من لغة إلى أخرى.”

يقول الدكتور صفاء خلوصي : “الترجمة: فن جميل يعنى بنقل ألفاظ ومعان وأساليب من لغة إلى أخرى، بحيث إن المتكلم باللغة المنقول إليها يتب ين النصوص بوضوح، ويـشعر بها بقوة كما يتبينها ويشعر بها المتكلم باللغة الأصلية .”

أما كاتفورد يُشير إلى الترجمة على أنها عملية ” استبدال قواعد ومفردات اللغة المصدر بما يقابلها من تكافؤ وتقواعد ومفردات في اللغة الهدف.” ويعتقد كاتفورد أن التكافؤ هو المشكلة الجوهرية في الترجمة بقوله:

” A central problem of translation- practice is that of finding Target Language translation equivalents. A central task of translation theory is that of defining the nature and conditions of translation equivalence”

أما التعريف الذي طرحه بيتر نيومارك في كتابه ” A textbook of translation” الجامع في الترجمة، فهو كما يلي:

“Technical translation is one part of specialised translation; institutional
translation, the area of politics, commerce, finance, government etc, is the other. I
take technical translation as potentially (but far from actually) non-cultural,
therefore ‘universal’ the benefits of technology are not confined to one speech
community”. (NEWMARK, 1988).

” الترجمة التقنية جزء من الترجمة المتخصصة أو الترجمة المؤسسية، وهي منطقة السياسة، والتجارة، والمال، والحكومة، إلخ. يرى نيومارك أن الترجمة التقنية غير الثقافية نظرياً (لكنها ليست كذلك واقعياً)،أنها عالمية؛ بمعنى أنها ليست مقتصرة على تجمع لغوي واحد.

ماذا تشمل الترجمة التقنية؟

تشمل الـــ ترجمة تقنية أنواعاً مختلفة من الوثائق ، وعلى وجه الخصوص:

  1. ترجمة أدلة المستخدم
  2. ترجمة التعليمات الخاصة بتشغيل آلة ما واستعمالها
  3. ترجمة كتيّبات الإرشادات
  4. ترجمة وصف المنتجات التقنية
  5. ترجمة براءات الاختراع 
  6. ترجمة العروض التعريفية والتقارير
  7. ترجمة المواقع الإلكترونية
  8. المنشورات والمجلات المصورة

الأنواع الرئيسية للترجمة التقنية

ترجمة الوثائق التقنية

تحتوي الوثائق التقنية على معلومات محددة ذات الصلة بالمجالات المعرفية المختلفة. لا تقتضي مهمة المترجم التقني على ترجمة الوثائق التقنية، بل عليه أن يأخذ بعين الإعتبار جوانب تقنية محددة. هذا ما يميّز المترجمم التقني المحترف عن غيره.

ترجمة أدلة الاستخدام للأجهزة الكهربائية

وبعين فاحصة وعدسة مكبرة حول الأهمية الخاصة لترجمة المعلومات المدرجة داخل أدلة الاستخدام الخاصة بالأجهزة الكهربائية هي بحد ذاتها عملية معقدة؛ فهي تتطلب من  المترجم التقني الامتثال إلى معايير وقوانين الترجمة التقنية، وعليه يمكن للمترجم نقل المعلومات التقنية بدقة فائقة دون وجود ما يعرقل العملية الترجمية.

كما تقتضي عملية ترجمه تقنيه من المترجم أن يكون له باع طويل في الخبرة والمعرفة المكتسبة من ترجمة النصوص التقنية، لا سيّما ترجمة دليل الاستخدام. ويجب أن يكون على دراية تامة باستراتيجيات الترجمة وتقنياتها الواجب على المترجم توظظيفها باحترافية أثناء الترجمة إلى اللغة الهدف.

ترجمة النصوص التقنية

تفرض ترجمة النصوص التقنية على المترجم صياغة دقيقة للمصطلحات دون أن يترتب عليها أي خسارة في المعنى الأصلي، بحيث يمكن أن تكون تلك المصطلحات متعلقة بموضوع تقني ذو حساسية عالية، ولا يحتمل أي تجربة للخطأ المتعمد أو الغير مقصود.

وللوصول إلى تلك الغاية لا بد أن يكون للمترجم التقني خبرة طويلة في تفكيك رموز النص التقني، ومن ثم إعادة تشفيره، إذ عليه أن يكون ملماً بمعارف مسبقة تمكنه من التصدي لأي عبارة عجز عن نقلها.

فمثل هذه الترجمة لها ميزة  واحدة مهمة حيث يجب على المترجم أن يكون على دراية جيدة بموضع الترجمة لان المصطلحات التقنية في بعض الأحيان لا تحتوي على تطابق فعلي في اللغة الأخرى.

إلى من تُوجه الترجمة التقنية؟

خدمات الترجمة التقنية موجهة إلى العلماء الذين يحرصون على مواكبة التطور والتقدم ومتابعة آخر الأخبار لحظة بلحظة؛ فهم على أتم الاستعداد والجهازية لرصد آخر التطورات التي وصل لها العلم الحديث في مجالات عدة. بقدر ما هي موجهة إلى الطلاب المهتمون بإثراء حصيلتهم اللغوية والإلمام بحيثيات الموضوع التقني إلمام من المعرفة بكل جانب؛ لكتابة رسائل وأطروحات ذات مغزى، والأخصائيون والأشخاص الذين يتعاملون مع الأجهزة المكتوبة بلغة غير لغتهم الأم.

أهمية الترجمة التقنية

لقد غدت الترجمة التقنيه اليوم بمثابة حلقة الوصل بين مختلف العلوم والفنون، في عصر الثورة التقنية، من جهة، ومن جهة أخرى إيجاد التقارب بين العلماء والباحثين من جهة أخرى. كما وبدأت تتضح معالمها لتصبح ذو أهمية قصوى مثلها مثل أنواع الترجمة الأخرى.

وبما أن لكل علم أو تخصص مصطلحاتٍ تميّزه عن سائر العلوم، فإن الشيء ذاته ينطبق على الترجمة التقنية ، بحيث تتميّز هي الأخرى بصبغة لغوية خاصة، ألا وهي ” اللغة التقنية”، التي تنفرد بمصطلحاتها التقنية، وبتراكيبها وصيغها النحوية والدلالية، وبأسلوبها اللغوي المتين،

فالترجمه التقنيه هي لغة متخصصة تختلف عن لغة الأغراض العامة، وحين نقول لغة متخصصة يأتي حول مسامعنا مقولة ” لغة الأغراض الخاصة”، التي عرّفها كلاً من هيربرت بيشت وجينفر دراسكو قائلين إنها” ضرب مُقنن ومنمط من ضروب اللغة يستعمل لأغراض خاصة وفي سياق حقيقي، أي يوظف لإيصال معلومات ذات طابع تخصصي على أي من المستويات: على أكثرها تعقيداً ، أي الخبراء العارفين، أو على المستوى الأقل تعقيداً ، بهدف ونشر المعرفة بين المهتمين بالحقل، وتلقينهم أصوله وذلك بأكثر السبل إيجازاً ودقة ووضوحاً.”

سمات النص التقني

ينفرد النص التقني عن كثير من النصوص الاخرى على جميع مستواياتها بما يلي:

  • الوضوح والدقة والابتعاد عن المفردات المثيرة للجدال واللبس

يتعين على المترجم التقني سواء أكان مترجماُ علمياً أو مترجماً طبياً أو مترجماً تقنياً ، أن يستعمل أسلوباً جلياً لا يشوبه اللبس أو الغموض في صياغاته.

  • استعمال التراكيب المعقدة والمصطلحات بشكل واسع
  • التداخل بين اللغات:

هو واحد من أهم المميزات التي تتفرد بها الترجمه التقنيه باعتيارها لغة هجينية من اللغات. فهي تقترض العديد من ألفاظ المفردات في لغات عديدة، وخاصة اللغة اللاتينية.

 

معوقات الترجمة التقنية

إن ترجمة النصوص التقنية من اللغة الأجنبية إلى اللغة الأم ليست بالأمر الهين لكنها في ذات الوقت ليست بالأمر المستحيل. إن الشرط الأساسي الذي يتعذر بدونه تحقيق مثل هذه الترجمة يتمثل في إيجاد تكافؤ لغوي لمثل هذه المصطلحات الأجنبية في اللغة الأم.

معوقات أخرى قد يواجهها الـمترجم التقني:

  • الغموض :

إذ يجد المترجم التقني الصعوبة في فهم وامتصاص وتشرّب بعض المفاهيم التقنية، خصوصاً إذا لم يكن على دراية واسعة ومداومة مستمرة بكل ما هو جديد في مجال العلوم والتكنولوجيا، حيث بتنا نلحظ  في الآونة الأخيرة أن هناك العديد من المصطلحات الفنية المستحدثة اكتسبت معانٍ جديدة وأضيفت إلى القواميس.

صفوة القول، الترجمه التقنيه لغة دقيقة ومتخصصة لا تحتمل التأويل ولا يفهمها إلا  أصحاب هذا التخصص.

  • ترجمة الإختصارات والمختصرات غير الواضحة: 

يجد المترجم التقني صعوبة بالغة في إيجاد معاني المختصرات في اللغة المستهدفة . قد يستغرق الأمر منه لساعات لإيجاد ترجمة دقيقة للمصطلح الواحد، لذلك يجب أن يتحلى بالصبر والروح الطويلة عند مواجهة أي مختصر تقني غير واضح

  • ترجمة المصطلحات التقنية:

يعج المستند التقني الواحد بالمصطلحات التقنية الصعبة والسهلة، مما يقف في كثير من الأحيان عاجزاً عن ترجمة ونقل المصطلحات التقنية إلى اللغة الهدف بشكل دقيق دون حدوث أي خسارة او فقدان لمعنى المصطلح الأصلي.

  • ترجمة أسماء العلم والمسميّات التقنية

الأمر لا يقتصر فقط على نقل وترجمة المصطلحات التقنية، بل يقف احياناً مكتوف الأيدي أمام أسماء العلم والمسميات التقنية المعقدة. حيث يمر أحياناً عن ترجمة أسماء العلم ولا يعلم إن كان عليه تعريب ذلك الإسم أم ترجمته إلى مدلول لغوي قريب من الأصل.

  • ترجمة التعبيرات الإصطلاحية idioms
  1. لو سألتني ما هي أكبر مشكلة تقنية تواجه المترجم التقني، لقلت بلا تردد” ترجمة التعبيرات الإصطلاحية”؛ ، وهما: صعوبة إيجاد مكافئ لغوي لذلك المصطلح التعبيري
  2. فهم المصطلح في حد ذاته مشكلة عويصة تتطلب البحث وقراءة النص مراراً وتكراراً للوصول على الأقل لطرف الخيط؛ حتى يتمكن المترجم من ترجمته ترجمة صحيحة مطابقة للسياق.
  • ترجمة الأرقام ووحدات القياس

لو أمعنت النظر في أي وصفة طبخ أو كتيّب طهي تقني قريباً منك، لوجدت أن السطر الواحد في الصفحة الأولى لا يكاد أن يخلو من رقم أو وحدة قياس. ولو أتى المترجم التقني لترجمة الأرقام ووحدات القياس لوجد أنها مشكلة قائمة بحد ذاتها. لى سبيل المثال، نجد أن هناك وحدات قياس مستخدمة بشكل شاسع في دولة ما، في حين أن تلك الوحدة نفسها ليست كما هي متعارف عليها في دولة أخرى.

اقرأ أيضاً:

صعوبات ترجمة قصص الأطفال من الإنجليزية إلى العربية

تعلم ترجمة الفيديو باحترافية في 10 دقائق

2023افضل 5 دورات تدريبية في الترجمة

العمل في الترجمة أونلاين:أكثر اللغات ربحاً

مشاكل الترجمة التقنية

مشاكل الترجمة في النص المصدر:
  1. النص غير مقروء
  2. يحتوي النص على أخطاء مطبعية
  3. النص غير مكتمل
  4. المراجع والمصادر مفقودة في النص، خصوصاً إذا أراد المترجم ترجمة التعليق على الصورة المفقودة.
مشاكل الترجمة في النص الهدف:
  1. الالتباس في المترادفات اللغويّة
  2. ثقافة اللغة المستهدفة

أخطاء قاتلة يقع بها المترجم التقني

  •  ترجمة النص بعيداً عن السياق 

إن فصل النص بعيداً عن سياقه التقني الذي وُجد فيه هو بمثابة فصل الرأس عن الجسم، فجميع النصوص كُتبت بلغة خاصة واهتمت بعناصر تقنية مخصصة. فكيف الآن يأتي المترجم وترجمة النص بعيداً عن سياقه؟ كيف ستبدو الترجمة؟ بل وكيف يمكن للقارئ فهم المادة التقنية؟  جميع تلك التساؤولات ترمي إلى إجابة واحدة، ألا وهي أن المترجم لا يفقه في الترجمة شيئاً.

  •  الفشل في توظيف استراتيجية أو تقنية الترجمة المناسبة

من المعلوم أن ترجمة أي نص سواء أكان قانوني ، أم طبي، أم علمي، أم تقني، أم أدبي كل منه له تقنياته واستراتيجياته التي يتفرد بها عن غيره من النصوص. وبالنسبة للنصوص التقنية، نجد أن هناك تقنيات واستراتيجيات ينبغي على المترجم أن يسير على خطاها . على سبيل المثال، قد يلجأ المترجم التقني إلى استخدام التعريب لترجمة مصطلح تقني ليس له مكافئ في اللغة الهدف، او فد يلجأ إلى التطويع لمطابقة النص التقني مع ثقافة اللغة الهدف.

  •  إبقاء الصور والرسومات كما هي مكتوبة باللغة الأم دون ترجمتها 

لا يخلو أي مستند تقني دون ان يكون هناك العديد من الصور او الرسومات  أو الرسومات الجرافيكية، وحين ينتهي المترجم التقني من ترجمة النص، ينسى أن هناك عناصر مفقودة نسي ترجمتها. عدم ترجمة الصور أو الرسومات تؤدي إلى مشاكل جمة لا يمكن حصرها في سطرين أو ثلاثة. جل ما علينا قوله يجب على المترجم التقني أن ينظر كالنسر بعين ثاقبة حول النص وأن يسخر كامل قدراته العقلية حول فهم وفحص النص من أوله حتى آخره، بحيث لا ينسى أي معلومة قيد أنملة إلا وترجمها.

  • عدم مراعاة الفروق الثقافية واللغوية بين اللغتين 
  •  الأسلوب الركيك وغير المنمق 
  •  الفشل في نقل رسالة النص 
  •  إبقاء المصطلح المترجم كما هو، دون توضيح المعنى المقصود

الخاتمة

نتمنى أن يكون المقال قد غطى أكبر قدرٍ ممكن من الأسئلة المتمحورة حول الترجمة التقنية، مفهومها، وخصائصها والشروط الواجب على المترجم التقني الانصياع لها. إن كان لديكم أي استفسار بخصوص الترجمة التقنية، يرجى رمي كل استفساراتكم أو تساؤولاتكم في التعليقات ، وسنحاول قدر الإمكان إحاطتكم بالمعلومة الدقيقة وتقديم إجابة شافية لكل سؤال يدور في أذهانكم.